تفاوت حجم وبنية تدابير التحفيز االقتصادي في دول مجموعة العشرين

تفاوت حجم وبنية تدابير التحفيز االقتصادي في دول مجموعة العشرين

أدت تداعيات جائحة كوفيد-19 إلى أكبر صدمة اقتصادية منذ الحرب العالمية الثانية. ومع رد الحكومات في مختلف القارات على األزمة الصحية بإجراءات تباعد اجتماعي صارمة وعمليات إغالق، انخفض النشاط االقتصادي على مستوى العالم بسرعة قياسية في النصف األول من عام 2020.  وفقا لصندوق النقد الدولي، بلغت تكلفة التدابير المالية التي تم اإلعالن عنها للتصدي لوباء كوفيد-19 على مستوى العالم 12 تريليون دوالر أمريكي، أو ما يقرب من 12 %من الناتج اإلجمالي العالمي. وشكل دعم السيولة )قروض وضمانات وضخ رأس المال من قبل القطاع العام( نصف هذه التدابير، أما النصف اآلخر فقد تمثل في اإلنفاق اإلضافي أو اإليرادات المفقودة. لكن تجدر اإلشارة إلى وجود تفاوت كبير في حجم وبنية تدابير التحفيز عبر البلدان والمناطق الجغرافية داخل مجموعة العشرين. يتناول هذا التحليل أهم العوامل المرتبطة بشرح وتوضيح هذه االختالفات. فيما يتعلق بحجم التحفيز بالمقارنة مع الناتج المحلي اإلجمالي، تباينت التدابير النقدية والمالية بشكل ملحوظ، حيث قدمت دول مثل ألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة وفرنسا وكندا والبرازيل والواليات المتحدة وكوريا وتركيا وأستراليا حزم تحفيز أكبر بكثير من دول مجموعة العشرين األخرى. وهناك عامالن وراء هذا االختالف. أوال ، لم يكن الطلب على التحفيز متساويا في جميع البلدان، وذلك ألن دول مجموعة العشرين تأثرت بشكل مختلف بشدة الوباء أو التداعيات االقتصادية الناجمة عن الصدمة العالمية، حيث شهدت أمواجا من حاالت البلدان التي قدمت حزم تحفيز أكبر أكثر حدة كوفيد-19 ،أو فترات إغالق أطول، أو صدمات خارجية أكبر حجما. ثانيا، اكتسب حيز السياسة النقدية والمالية أهمية كبيرة، ألن البلدان ذات الدخل المرتفع لديها قدرة أكبر على حشد الموارد لدعم اقتصاداتها. وتمكنت البلدان التي تتمتع بمؤسسات أقوى وبنوك مركزية أكثر مصداقية وتجمعات أكبر من المستثمرين المحليين من إطالق محفزات أكثر قوة دون المخاطرة بالتسبب في ارتفاع حاد في معدالت التضخم أو أسعار الفائدة طويلة األجل. فيما يتعلق ببنية تدابير التحفيز، اتبعت اإلجراءات التقديرية ذات الصلة بالسياسات االقتصادية لمواجهة الوباء التفضيالت المؤسسية والسياسية الخاصة بكل بلد. واعتمدت بعض البلدان بشكل كبير على دعم السيولة خارج إطار الميزانية وتقديم الضمانات للشركات، باإلضافة إلى إجراءات التيسير الكمي من قبل البنوك المركزية )ألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة وفرنسا وكوريا وتركيا والهند(. واعتمدت دول أخرى، مثل كندا والواليات المتحدة وأستراليا والصين، بشكل أكبر على إجراءات التحفيز المالي في إطار الميزانية، بما في ذلك التحويالت المباشرة للمواطنين، واإلجازات المرضية المدفوعة لألشخاص المعرضين للتأثر بالوباء، وتغطية التكاليف الصحية لغير المؤمن عليهم، واإلعفاءات الضريبية. في حين اعتمدت مجموعة ثالثة من البلدان، ٍو تقريبا على كل من مثل البرازيل وجنوب إفريقيا، بشكل متسا 0 10 20 30 40 ألمانيا إيطاليا اليابان المملكة المتحدة فرنسا كندا البرازيل الواليات المتحدة األمريكية كوريا تركيا أستراليا جنوب أفريقيا الهند األرجنتين الصين إندونيسيا روسيا المملكة العربية السعودية المكسيك األسهم والقروض والضمانات اإلنفاق اإلضافي واإليرادات المفقودة قسم االقتصاد في QNB تحليل اقتصادي economics@qnb.com 2020 نوفمبر 29 تدابير السيولة والسياسات المالية التقليدية، وذلك باستخدام عدد كبير من المؤسسات الحكومية للتخفيف من الصدمة االقتصادية. بشكل عام، على الرغم من االختالفات في حجم وبنية تدابير التحفيز، ظلت سياسات التحفيز الخاصة بدول مجموعة العشرين حتى اآلن أساسية لتحقيق االستقرار في االقتصاد العالمي، ال سيما بعد انهيار النشاط في الربع الثاني من عام 2020 .ومن المرجح أن يتم تنفيذ تدابير إضافية خالل األرباع القادمة، وسيكون لهذه التدابير، إلى جانب تقدم العمل في إيجاد لقاح فعال ضد فيروس كوفيد- 19 ،دور رئيسي في تحقيق التعافي الكامل في االقتصاد العالمي